في الحياة توجد أمور لا يمكننا التعامل معها بالكلام أو العتاب. لا يمكنني أن أعاتبك على عدم مراعاتك لي في تصرفاتك. كما أنه لا يمكنني أن أعاتبك لعدم شعوري من جهتك بأنني أُقدّر أو أنني أغلى عليك كما أنت غالٍ عليّ.
أيضاً، لا يمكنني أن أعبر عن استيائي لأنني لست من أولوياتك أو اهتماماتك البارزة. بينما أدركت أن آمالي فيك لم تتحقق وأنك اخترت أشياء أخرى على حسابي، لا يمكنني أن أعاتبك على ذلك.
إن العتاب في هذه الأمور يُعتبر تراجعاً في القيمة، وكأنه يفرض على الآخر أن يحبني أو يقدّرني. وهذا أمر لا يمكن أبداً أن يُطلب من أي شخص تعكس بعض التغيرات في سلوكيات الأفراد أنانية غير مبررة، إذ يطرأ تغيير على تعاملهم دون أي مسبب واضح. بينما يتغير آخرون بعد معاناة طويلة ووجع عميق كتموه في قلوبهم نتيجة لتصرفات من حولهم، بعد أن استنفدوا طاقتهم في الانتظار والعتاب الذي لا يجدي نفعًا.
فكما أن هناك من يتحولون بظلمهم للآخرين، هناك أيضًا من يتغيرون نتيجة لتعرضهم لظلم فادح، لمجرد أنهم حاولوا التكيف وتجاوز الصعاب لتحقيق الاستقرار في حياتهم. لم يكن لديهم رغبة في محاسبة الآخرين على كل زلة، لكنهم اكتشفوا أن تضحياتهم، التي بالكاد تحدثوا عنها، قد أصبحت حقوقًا مكتسبة للآخرين بلا ثمن. إن الألم هنا يعبر عن التضحيات التي تلاشت في غيابهم النسيان يتغير الشخص في كثير من الأحيان بسبب الظروف التي تمر به، ولكن من الظلم أن نلوم الضحية لمجرد أنه تغير نتيجة ما عاصره. إحدى الأمور التي تجعلني أقيّم مدى حب الشخص لي هي مدى اهتمامه بألمي وتقديره لمشاعري. إن هذه العبارة تعبر عن معانٍ عميقة جدًا؛ فهي تمثل الحب، والاحترام، والخوف، والرعاية، والحنان. كيف يمكن لشخص أن يدّعي أنه الأقرب إليّ بينما يهون عليه زعلي؟ كيف يمكن أن يكون رقيقًا معي وهو يتساهل في مشاعري؟ كيف يسعني أن أشعر بتقديره عندما يكون من السهل عليه أن يقلل من شأني أو يُزعجني؟
كيف يمكنك الاهتمام بي بينما لا تسعى لإسعادي وإدخال السرور إلى قلبي؟ أين هو الحب أو القرب في هذا الوضع؟
إذا كنت تتجاهل شخصًا ما لأي سبب، حتى وإن كان بسيطًا، اعلم أنه لا يحبك. فالحب الحقيقي لا يسمح لأي شخص بالتقليل من شأن الآخر مهما كانت الظروف.
من يستطيع أن يلاحظ الحزن في صوتك أو في عينيك ثم لا يسعى للتغيير، فهو لا يحبك حقًا. كذلك، الشخص الذي يدرك أنك متضايق ولا يبذل جهدًا لإصلاح أي شيء، لا يمكن اعتباره الأقرب إليك.
كما أن من يستطيع النوم وأنت تعاني من الحزن، حتى لو كان بسيطًا، دون أن يتأثر، فهو ليس بصدق يحبك.
بالنسبة لي، هذه الكلمة تحمل أكبر دليل على ذلك فيما يتعلق بمشاعرنا تجاه الآخرين، سواء كانوا أصدقاء أو أفراد العائلة أو أحبّة، من المهم أن نختبر عمق هذه المشاعر. إذا كنت تسعى للتأكد من مشاعرك تجاه شخص ما، حاول أن تضعه في موقف يتطلب مواجهة الغضب أو الحزن بينكما، وراقب كيف سيتصرف. إذا لم يكن لديه اهتمام حقيقي بمشاعرك فإن ذلك قد يعني أنه لا يحبك بصدق، بل يتحدث فقط دون أن يترجم تلك الكلمات إلى أفعال.
إذا لم يتأثر بما تشعر به، فقد يبدأ بالتباعد تدريجياً عن حياتك. ومع كل مرة تتجاوز فيها مشاعرك، قد يزداد شعورك بالحب تجاهه، رغم قلة تقديره. يدرك الكثيرون أن التقدير في أوقات الزعل هو العامل الأكثر تأثيرًا في بناء العلاقات، إذ إنه يمنح الشخص قيمة دائمة. الحب يحتاج إلى اهتمام مستمر - يتجلى في الأسئلة، والغيرة، والتضحيات، مهما كانت التحديات التزامات وأشخاص من حولك لن تجعل منك سوى كائن مختلف تمامًا، في وضعية مغايرة. إذا شعر أي شخص بخلاف ذلك، فإن مشاعرنا وإحساسنا تجاههم قد يفتر، مما يؤدي إلى تلاشي تلك المشاعر بمرور الوقت