 |
| الدكتورة هدير محمود فايد |
بقلم الدكتورة - هدير محمود فايد - اخصائي إرشاد أسري ونفسي
مقدمة:
في حياة كل زوجين، تمر الأيام بين لحظات حب وتفاهم، وأحيانًا لحظات توتر واختلاف.
لكن ما يميز الزواج الناجح عن غيره هو المرونة.
المرونة لا تعني أن نتجنب الخلافات أو أن نضحي بأنفسنا طوال الوقت،
بل تعني أن نعرف كيف نحتوي، نفهم، ونتصرف بحكمة دون أن نؤذي الآخر.
وأصعب أنواع المرونة، هي مرونة الرجل مع زوجته.
لأن هذه العلاقة ليست سطحية، بل علاقة مشاعر، ضغوط، تفاصيل يومية، ومواقف تكشف حقيقة كل طرف.
ما هي المرونة؟
المرونة النفسية هي القدرة على التكيّف مع المواقف المختلفة بهدوء واتزان، حتى وإن كانت ضاغطة أو مفاجئة.
أما في الزواج، فالمرونة تعني:
أن تفهم قبل أن تحكم.
أن تحتوي قبل أن ترد.
وأن تعرف كيف تتنازل بحكمة، دون أن تفقد نفسك أو شريكك.
الرجل المرن ليس من يساير زوجته دائمًا،
بل هو من يعرف متى يكون حازمًا، ومتى يكون حنونًا،
متى يسكت حفاظًا على البيت، ومتى يتكلم لإنقاذ العلاقة.
مواقف حقيقية وشرح عملي:
1. موقف: زوجته تتحدث كثيرًا وهو عائد من العمل مرهقًا
الرجل غير المرن:
يرد بعصبية أو يتجاهلها ويشغل نفسه بالهاتف. فتشعر زوجته بأنه لم يعد يحبها.
الرجل المرن:
يقول بهدوء:
"أنا مرهق قليلاً، هل يمكن أن أرتاح ربع ساعة ثم أعود لأستمع إليك بكل تركيزي؟"
بذلك لم يهملها… ولم يهمل نفسه.
2. موقف: زوجته حزينة من أمر بسيط جدًا
مثل نسيانه لقول "شكرًا" أو نسيان عيد زواجهما.
الرجل غير المرن:
يرد بعصبية:
"أهذا أمر يستحق الزعل؟ أنتِ تبالغين!"
الرجل المرن:
يفكر: "هي لم تحزن من الفعل، بل من شعورها بالإهمال."
فيعتذر بهدوء:
"معك حق، آسف لأنني نسيت. ليس معناه أنني لا أهتم، ولكن كنت مشغول الذهن فعلًا."
هذا يسمى احتواء… لا ضعف.
3. موقف: خلاف حول تربية الأبناء أو المصاريف
الرجل غير المرن:
يشعر بأن زوجته تحاول السيطرة، فيرفض النقاش أو يفرض رأيه.
الرجل المرن:
يقول:
"دعينا نفكر سويًا… ما وجهة نظرك؟ وهذا ما أراه أنا…"
ثم يضعان قواعد مشتركة، ويتنازل خطوة إذا كانت هي أيضًا مستعدة للتنازل خطوة.
النتيجة: قرارات متزنة، وشراكة حقيقية.
نصائح عملية لتكون رجلًا مرنًا مع زوجتك:
1. لا ترد فورًا أثناء الغضب.
خذ نفسًا عميقًا، وابحث عن المعنى الحقيقي وراء الكلمات.
2. تذكّر أنها مختلفة عنك.
إذا بكت، فذلك ليس ضعفًا أو "دراما"، بل وسيلة تعبير.
3. المسامحة ليست ضعفًا، والاعتذار لا يقلل من قيمتك.
الكلمة الطيبة تفتح باب المودة، لا تغلق كرامتك.
4. امنحها شعور الأمان.
أحيانًا لا تحتاج حلًا بل فقط أن تشعر بأنك بجوارها.
5. كن صبورًا مع التغيرات.
فزوجتك تتغير بفعل الحمل، الولادة، الضغوط…
فكن سندًا يمر معها بهذه التغييرات، لا قاضيًا يحاسبها.
وفي الختام :
المرونة في الزواج لا تعني ألا تختلفا…
بل تعني أن تختلفا باحترام، وتتصالحا بلا جراح.
الرجل المرن هو من تدعو له زوجته بصدق،
لأنه كان لها أمانًا، وحنانًا، وظهرًا،
لا من كسرها بصوته العالي أو بصمته القاسي.