الزوجة والدعم المفقود: بين التحديات وتجاهل المجتمع - الناشر المصري

الزوجة والدعم المفقود: بين التحديات وتجاهل المجتمع - الناشر المصري
هدير محمود محمد فايد


بقلم الدكتورة / هدير محمود محمد - اخصائي إرشاد أسري ونفسي وتربية خاصة



في زحام الحياة وتقلّباتها، تقف الزوجة في قلب العاصفة، تحاول أن تكون الملجأ الآمن للجميع، بينما هي بأمسّ الحاجة لمن يحتويها. لا أحد يدرك حقّ الإدراك كم من التحديات تمر بها تلك المرأة التي تحمل فوق عاتقها مسؤوليات تفوق طاقتها، دون أن تشتكي أو تنتظر شكراً.


*بين الأطفال وزوجها... قلب يتوزّع


الزوجة ليست فقط أمًّا تحاول أن تربي أبناءها على القيم والمبادئ وسط عالم مليء بالتناقضات، لكنها أيضًا زوجة تسعى لأن تكون داعمة لشريك حياتها، وملاذًا له في وقت الشدة. إلا أن أحدًا لا يلتفت إلى لحظة ضعفها، ولا يسمع تنهيدتها المتعبة في نهاية يومٍ حافل بالمشاحنات والطلبات والضغوط.


*أهل الزوج وأهلها... ضغوط متراكمة


تحاول الزوجة أن تكسب ودّ أهل زوجها، وتحافظ على علاقتها بهم، وهي في ذات الوقت مطالبة بإرضاء أهلها وإثبات نجاحها كزوجة وأم. وبين هذا وذاك، قد تجد نفسها عالقة في دوامة التوقّعات، تكتم أنينها، وتخفي معاناتها خلف ابتسامةٍ رسمية، حفاظًا على بيتها وصورتها.


*العمل والدراسة... تحديات لا تنتهي


الزوجة العاملة أو الدارسة تخوض صراعًا يوميًّا بين طموحها الشخصي ومتطلبات بيتها. هي لا تسعى فقط لتحقيق ذاتها، بل تكافح لتبرهن أن المرأة قادرة على أن تكون ناجحة دون أن تهمل واجباتها الأسرية. ورغم ذلك، ينهال عليها النقد من كل اتجاه: "ما حاجتك إلى العمل؟" أو "دراستك لا تغنيك شيئًا"، وكأن المجتمع يُغفل ما تحققه من توازنٍ وجهدٍ مضاعف.


*المجتمع... قاضٍ قاسٍ لا يرحم


المجتمع لا يُنصف المرأة كثيرًا، فهو سريع الحكم، لا يرحم حين تخطئ، ولا يشيد حين تنجح. يحاكمها على مظهرها، وأسلوبها، وخياراتها، ويضعها تحت مجهر التقييم في كل خطوة. ولا أحد يتساءل: من يساند هذه الزوجة؟ من يدعمها لتستمر؟ من يربّت على كتفها ويقول: "أنتِ بخير، ونحن معكِ"؟


*قصة واقعية من خلف الستار:


إحدى الزوجات روت بحزن: "في أحد الأيام عدت من عملي مرهقة، لم أجد من يسألني إن كنت بخير. جهّزت الغداء، رتّبت المنزل، ساعدت أطفالي في الدراسة، ثم بكيت بصمت في الحمام كي لا يراني أحد. كنت أتمنّى فقط كلمة تقدير... لم أطلب معجزة".

هذه القصة ليست فريدة، بل تمثّل آلاف النساء اللاتي يصارعن بصمت.


ختامًا... رسالة لكل من يقرأ


إلى كل زوج، وكل فرد في العائلة، وكل من يحيط بتلك الزوجة: امنحوها الدعم، لا تُحمّلوها فوق طاقتها، ولا تعتبروا صبرها دليلًا على عدم احتياجها. المرأة ليست آلة تُعطي بلا توقّف، بل إنسانة تنبض بالمشاعر والتعب والاحتياجات. ادعموها بالكلمة الطيبة، بالمساندة الصادقة، بالاحتواء الحقيقي... فربّما بكلمة واحدة تُعيدون إليها الحياة. 

تعليقات