"الإسكندرية ترتجف.. بين رعب الطقس ورسائل السماء" - الناشر المصري

"الإسكندرية ترتجف.. بين رعب الطقس ورسائل السماء" - الناشر المصري


بقلم: الدكتورة هدير محمود فايد – اخصائي إرشاد أسري ونفسي


 مقدمة .......

ليلة عصيبة عاشها سكّان محافظة الإسكندرية، بعدما اجتمعت عليهم قوى الطبيعة في مشهد لم تألفه المدينة بهذا الشكل من قبل. رياح عاتية، أمطار غزيرة، رعد وبرق مزّقا سكون الليل، وتساقط للثلوج بصورة غير معتادة، حولت الإسكندرية من عروس البحر المتوسط إلى ساحة هائجة من القلق والخوف.


فقد خرج العديد من المواطنين من منازلهم في حالة من الفزع، وأُغلقت نوافذ البيوت بقوة، بينما ترددت الأدعية والآيات في البيوت وعلى الألسنة، وكأن الجميع يبحث عن ملاذ من مشهد تخطى حدود التوقع. مشاهد الأمواج المتلاطمة، وأسقف المنازل التي كادت أن تتطاير، وأصوات الرعد التي دوّت في السماء، خلقت حالة من الذعر العام، لا سيما لدى الأطفال وكبار السن.


لكن ما بين أصوات الرياح والصواعق، ثمة رسالة إلهية لا بد أن نتوقف أمامها.


إن تقلبات الطقس بهذا العنف ليست مجرد حالة مناخية عابرة، بل هي تذكير إلهي بقوة الخالق وضعف المخلوق. قال تعالى في كتابه الكريم:

"ويُريكم البرق خوفًا وطمعًا وينشئ السحاب الثقال" [سورة الرعد: 12].

فالبرق والرعد والرياح ليست مجرد مظاهر طبيعية، بل تحمل بين طياتها نُذرًا وتنبيهات لمن أراد أن يتفكر ويتبصر.


إن حالة الخوف التي اجتاحت المواطنين، والتي ظهرت في كلماتهم وتصرفاتهم وتوجههم بالدعاء، هي دليل على أن الفطرة السليمة ما زالت حية، وأن الإنسان – مهما تطور – يعود إلى خالقه في لحظات ضعفه.


وإذا كان الرعب قد خيّم على القلوب، فالأجدر أن نحوّله إلى لحظة مراجعة مع النفس، وسعي حقيقي لفهم رسائل الله تعالى، التي لا تأتي دائمًا في صورة رخاء وسكينة، بل أحيانًا تأتي في شكل عاصفة لتوقظ الضمير، وتعيد ترتيب الأولويات.


كيف نتجاوز هذا الرعب؟


1. بالإيمان العميق بأن ما يحدث بقدر الله ولحكمة يعلمها وحده.



2. بنشر الطمأنينة بين الناس، لا الهلع. على كل فرد أن يكون مصدر أمان لأسرته ومحيطه، بالكلمة الطيبة، والدعاء، والتصرف الحكيم.



3. بالتوبة والرجوع الصادق إلى الله، فالشدائد فرص للرجوع لا العقاب.



4. بالتأمل لا التهويل، فالعاصفة قد تمر، لكن ما نخرج به منها أهم من مرورها.




ختامًا......

علينا أن نتعلم من هذه الليلة أن لا شيء يحمينا سوى الله، وأن السكينة الحقيقية لا تأتي من صلابة الجدران، بل من قوة الإيمان. وما هذه الظواهر الكونية إلا دعوة للتوبة والتأمل، وفرصة لنراجع فيها علاقتنا بالخالق، وعلاقتنا ببعضنا البعض.


فما بين الرعد والبرق، قد تنزل الرحمة.. فقط إن أحسنا الفهم. 

تعليقات