إيمان الغندور تكتب - لماذا أصبحنا نرتدي أقنعة في العلاقات؟ - الناشر المصري

إيمان الغندور تكتب - لماذا أصبحنا نرتدي أقنعة في العلاقات؟ - الناشر المصري


في زمن التواصل السريع والانفتاح الكبير، من المفترض أن تكون العلاقات الإنسانية أكثر صدقًا ووضوحًا. لكن الواقع يخبرنا بعكس ذلك: الكثير من الناس أصبحوا يرتدون أقنعة في علاقاتهم، يخشون إظهار حقيقتهم، ويخفون مشاعرهم وراء واجهات مصطنعة.

فلماذا أصبح الصدق نادرًا؟ ولماذا نختار التمثيل بدلًا من المواجهة؟


نرتدي الأقنعة في العلاقات لأسباب كثيرة، أولها الخوف.

الخوف من الرفض، من أن تُنتقد حقيقتنا، من أن لا نُقبل كما نحن. فنُظهر ما يرضي الآخرين، ونُخفي ما نعتقد أنه قد يزعجهم. هذا القناع قد يكون ابتسامة مصطنعة، مجاملة لا نشعر بها، أو حتى شخصية لا تُشبهنا في شيء.


السبب الثاني هو التجارب السابقة. البعض خاض علاقات صعبة، خرج منها مجروحًا أو مكسورًا، فتعلم أن يخفي مشاعره حتى لا يتأذى من جديد. أصبح يتظاهر بالقوة بينما هو هشّ من الداخل.

وهناك من يضع قناع اللطف وهو غاضب، أو قناع الثقة وهو مهزوز، أو قناع التجاهل وهو في قمة الاشتياق.


الخطورة الحقيقية لا تكمن فقط في ارتداء الأقنعة، بل في الاعتياد عليها. ننسى من نحن، ونذوب في شخصيات لا تُشبهنا، حتى نخسر أنفسنا قبل أن نخسر الآخرين.

وهكذا، بدلًا من أن تكون العلاقات مساحة للأمان، تتحول إلى مسرح كبير، كلٌ يؤدي دوره ويتجنب أن يُكشف.


نحتاج إلى الشجاعة كي نخلع الأقنعة، ونُظهر حقيقتنا دون خوف.

فالعلاقات لا تبنى على التمثيل، بل على القبول، على أن يرى الآخر ضعفك ولا يستغلّه، أن يسمع صوتك المرتجف ويطمئنك، لا أن يسخر منك.


الصدق مؤلم أحيانًا، لكنه أساس كل علاقة حقيقية.

فلنحاول أن نعود إلى أنفسنا... وأن نمنح الآخرين فرصة حبنا كما نحن، لا كما نمثل أن نكون. 

تعليقات