لائحة تحليلية نقدية أكاديمية - لقصيدة (يختنق الصباح في صدري) - الناشر المصري

لائحة تحليلية نقدية أكاديمية - لقصيدة (يختنق الصباح في صدري) - الناشر المصري

للشاعرة الأردنية ربا الرباعي

بقلم ..علاء الأديب


التقديم

.............

قصيدة (يختنق الصباح في صدري) للشاعرة ربا الرباعي هي نصّ نثري عاطفي، يتسم بشحنة وجدانية عالية، ويجمع بين الحنين، والغياب، والانتظار، في نسيج شعري رقيق ومكثّف. إليك تحليلاً شاملاً لأبرز عناصر هذه القصيدة:


 أولاً: المعنى والمضمون

.................................

تدور القصيدة حول فقدان الحبيب، ووقع هذا الغياب على الذات المتكلمة (الأنثى). الشاعرة تصوّر العالم من دون الحبيب كعالم خالٍ من الحياة، فاقد للضوء والمعنى. الحضور الغائب يشكّل محور النص؛ إذ أن كل شيء في الحياة مرتبط بوجوده: من الكلمات، إلى الصباح، إلى القمر والليل والهوية الشخصية.

المتكلمة تعاني من فراغ عاطفي وجودي. ومع غياب الحبيب، يصبح العالم رمادياً، ويغيب البهاء عن الطبيعة وحتى عن ذاتها، فتضيع ملامحها ويبهت اسمها في عتمة النسيان.


 ثانياً: اللغة والصور الفنية

.....................................

الصور البلاغية:

.....................

(يختنق الصباح في صدري): تصوير شعري قوي يُجسّد الكآبة التي تسيطر على الكاتبة بسبب الفقد.

(تغفو الطيور... دون أن تغني).. صورة لكآبة عامة، فحتى الطبيعة فقدت صوتها الجميل.

(يصير القمر باهتًا، ويغدو الليل بلا نجوم)... صورة للتغير الكوني الناتج عن غيابه.

أُنسى من أكون، تفقد المرايا وجهي)....تعبير عن الذوبان الكلي للذات في الغياب.


المجازات والرمزية:

...........................

الصباح، الطيور، القمر، الليل، المرايا كلها رموز للحياة، المعنى، الأمل، والهوية، لكنها تتحول إلى ما هو سلبي في ظلّ الغياب.

(أحمل في قلبي مواسم كاملة من الانتظار): (مواسم) ترمز للزمن الثقيل، وللطول والصبر والألم.


 ثالثاً: الأسلوب

....................

الأسلوب العاطفي الشخصي

* تستخدم المتكلمة أسلوب "الأنا" الذي يُظهر صدق العاطفة وخصوصية الألم.

*الأسلوب التوسلي/الندائي: في نهاية النص، نلاحظ تحوّلًا في لهجة الخطاب من الوصف إلى النداء والتوسل: "قل فقط: أنا معكِ... عد إليّ".

*التكرار الفني: تكرار عبارة "بدونك" أكثر من مرة يشحن النص بالتوتر العاطفي ويؤكّد محورية الحبيب في الحياة والوجود.


رابعاً: البنية والنسق الإيقاعي

..........................................

النص هو نص نثري لا يخضع لوزن أو قافية، لكنه يحتفظ بنغمة داخلية موسيقية، مصدرها التكرار، الجمل المتناظرة، والتصعيد الوجداني.

الجمل القصيرة والوقفات المتكررة تعطي النص إيقاعًا داخليًا يشبه التنفس المتقطع للمتكلمة، كأنها تعاني من ضيق ناتج عن الشوق والانتظار.


 خامساً: الثيمة الرئيسية والثيمات الفرعية

........................................................

الثيمة المركزية..

* الحب الغائب 

* الحضور الذي يصنع المعنى في حياة العاشق/العاشقة.


ثيمات فرعية

*الغربة الوجودية.

*ضياع الهوية.

*الانتظار المؤلم.

*التعلق والاحتياج العاطفي.

*الطفولة العاطفية (كطفلة وجدت دفءَ بيتها).


 سادساً: البعد النفسي والوجداني

................................................

القصيدة تصوّر علاقة عاطفية قائمة على الاتكال الروحي الكامل. المتكلمة تعيش فوضى داخلية وشعورًا بالعدم عند غياب من تحب. وتُظهر تعلقًا عاطفيًا عميقًا يصل إلى حدّ الذوبان في الآخر، حتى أن وجودها النفسي والهوياتي مرهون بحضوره.


 سابعاً: النهاية وبلاغة الختام

........................................

 (أنا نصف قلب يتنفسك، نصف حياة لا تكتمل إلا بك…)

النهاية تتوجّ النص بصورة قاسية لكنها شاعرية، تلخّص الانقسام الداخلي والانكسار الذي يسببه الفقد. المجاز "نصف قلب يتنفسك" يصوّر العلاقة كضرورة وجودية، لا مجرد عاطفة عابرة.


خلاصة التحليل

.........................

قصيدة عاطفية رقيقة وعميقة، تنتمي إلى أدب الحنين والفقد، وتُعبّر عن ألم الغياب بأسلوب شاعري محكم، ولغة حسية، وصور مشحونة بالمشاعر. تمزج بين جمال التعبير وصدق الإحساس، وتلامس قارئها بعمق لأنها تعبّر عن تجربة إنسانية شائعة: الحب الذي يصبح حياة.

وفق الله شاعرتنا وبارك لها .

علاء الأديب 

بغداد

22/6/2025


النص

........


يختنق الصباح في صدري،

وتغفو الطيور على أغصانها دون أن تغني.

كلّ الطرق تصير متاهة،

وكلّ الوجوه تشبه الغياب.

بدونك،لا تنبت الكلمات من فمي،

ولا يرقص الحرف فوق الورق،

يصير القمر باهتًا،

ويغدو الليل بلا نجوم… بلا معنى.

بدونك،أُنسى من أكون،

تفقد المرايا وجهي،

ويذوب اسمي في عتمة النسيان.

أين أنت؟أنا هنا،

أحمل في قلبي مواسم كاملة من الانتظار،

أخبّئك في تفاصيل الأماكن،

في ضوء المصباح،

في صمت الغرفة حين أشتاق.

قُل فقط: “أنا معكِ”،

دعني أخلع العالم من كتفي،

وأمشي خلف ظلّك،

كطفلة وجدت دفءَ بيتها في عينيك.

عد…عد إليّ،

فكل شيء بعدك مؤجل،

كل شيء ناقص،

وأنا؟أنا نصف قلب يتنفسك،

نصف حياة لا تكتمل إلا بك…


ربا الرباعي 

تعليقات