الكاتبه ✍🏻سماح الملاح - المنوفية
يعد المولد النبوي الشريف من
أهم المناسبات الدينية مصر، حيث يحتفل المسلمون بذكرى ميلاد النبي محمد صلى الله عليه وسلم بطريقة تجمع بين العبادة والبهجة. تحظى هذه المناسبة بمكانة خاصة لدى المصريين، وتُقام احتفالاتها في كل أنحاء البلاد، مع العديد من الطقوس والمظاهر التي تُميز هذا اليوم.
تاريخ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في مصر
بدأ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في مصر خلال العصر الفاطمي في القرن الرابع الهجري، حيث كانت الدولة الفاطمية تُحيي العديد من المناسبات الدينية، وكان المولد النبوي من بينها. أصبح هذا الاحتفال تقليداً سنوياً حافظت عليه الشعوب المصرية حتى بعد انتهاء حكم الفاطميين، وأصبح جزءاً لا يتجزأ من التراث الثقافي والديني المصري.
الطقوس الدينية
تبدأ احتفالات المولد النبوي الشريف في مصر عادة قبل الموعد الرسمي للمولد بأيام، وتستمر حتى بعده. خلال هذه الفترة، تُقام الاحتفالات في المساجد، حيث يتجمع الناس لحضور الجلسات الدينية التي تتضمن تلاوة القرآن، والأذكار، والابتهالات التي تمدح النبي محمد. وعادة ما تكون هذه الجلسات في المساجد الكبيرة مثل مسجد الحسين والأزهر في القاهرة، حيث يتجمع الآلاف من المصلين للاستماع إلى العلماء والمشايخ.
مظاهر الاحتفال الشعبية
إلى جانب الطقوس الدينية، تشمل احتفالات المولد النبوي في مصر مظاهر احتفالية شعبية تميز الشوارع والأسواق. تتزين الشوارع بالأضواء والفوانيس، وتنتشر في الأسواق أكشاك تبيع الحلويات التقليدية الخاصة بهذه المناسبة مثل "عروسة المولد" و"حصان المولد"، التي تُصنع من السكر وتعتبر رمزاً مميزاً للمولد في الثقافة المصرية.
من المظاهر الأخرى التي تُميز هذا اليوم أيضاً إقامة الموالد، وهي تجمعات شعبية كبيرة تشمل عروضاً للإنشاد الديني والرقص الصوفي المعروف بـ"الذكر". هذه التجمعات تُقام في الساحات والشوارع المفتوحة، وتحظى بحضور كبير من المصريين الذين يأتون للاستمتاع بالأجواء الروحية والاحتفالية.
الحلويات والرموز التقليدية
من أشهر مظاهر الاحتفال في مصر هو تحضير وتوزيع الحلويات. تُعتبر "حلاوة المولد" من أبرز هذه الحلويات، وتشمل مجموعة متنوعة من الأصناف مثل السمسمية، والفولية، والحمصية. تعتبر عروسة المولد التي تُصنع من السكر ملونة وزاهية من أشهر الرموز التقليدية المرتبطة بالاحتفال، حيث يشتريها الناس لإهدائها للأطفال أو كرمز للبهجة والفرح.
الاحتفالات الرسمية
تُشارك الدولة أيضاً في إحياء المولد النبوي الشريف من خلال إقامة احتفالات رسمية، حيث تُنظم وزارة الأوقاف احتفالات دينية يحضرها كبار المسؤولين في الدولة والعلماء ورجال الدين. يُلقي رئيس الدولة كلمة تهنئة للأمة الإسلامية بهذه المناسبة، وتتخلل الاحتفالات تلاوات من القرآن الكريم والأناشيد الدينية.
الطابع الروحي والرمزي
يمثل المولد النبوي الشريف في مصر فرصة للتذكير بسيرة النبي محمد وتعاليمه. ويركز الدعاة والعلماء في خطبهم على الأخلاق والصفات النبوية مثل الرحمة، والتسامح، والعدل، ويحثون المسلمين على الاقتداء بهذه القيم في حياتهم اليومية.
يُعتبر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في مصر تجسيداً حيّاً لروحانية المجتمع المصري وارتباطه بالتراث الديني والثقافي. ورغم تعدد الأشكال والطرق التي يُحتفل بها بهذا اليوم، يبقى الهدف الأسمى هو تعزيز قيم المحبة والإخاء التي جاءت بها رسالة الإسلام.