المقدمة
شهدت القصيدة العربية المعاصرة تحولات بنيوية وفكرية جعلتها تخرج من أسر الشكل التقليدي نحو التعبير الحر عن هموم الإنسان العربي، سياسيًا وثقافيًا. وقد برز أمل دنقل كأحد أبرز شعراء هذا التحول، إذ مزج بين عمق الثقافة العربية ووعي فني متميز، وحقق في شعره توازنًا دقيقًا بين الاتساق الثقافي الذي يُغني النص دلاليًا، والاتساق الفني الذي يضبط بنيته الجمالية.
---
المحتوى
يشكل الاتساق الثقافي والفني في شعر أمل دنقل بُعدًا أساسيًا في تجربته، إذ يقوم بتوظيف التراث – التاريخي، والديني، والأسطوري – بطريقة نقدية، ليعكس من خلاله قضايا معاصرة كالهزيمة، والمقاومة، واغتراب المثقف. ففي قصيدة "لا تصالح"، يستدعي قصة كليب وجساس ليعبّر عن رفضه لأي تنازل سياسي، مؤسسًا بذلك شبكة رمزية تؤكد قوة موقفه.
على الصعيد الفني، اتسمت قصائده بالتماسك النصي؛ من خلال الإحالة، والتكرار، والتوازي التركيبي، ما يعكس وحدة الرؤية داخل النص. كما اعتمد دنقل على التداخل السردي – كالحوار، وتعدد الأصوات، والبنية المشهدية – لإضفاء طابع درامي يُقرب القصيدة من القارئ ويعمّق أثرها.
قصائد مثل "الورقة الأخيرة... الجنوبي" و"البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" تُظهر بوضوح كيف يوظف دنقل أدوات السرد ضمن سياق شعري دون الإخلال بجماليات النص، ما يؤكد وعيه البنيوي وثقافته الواسعة.
---
الخاتمة
أثبتت تجربة أمل دنقل أن الشاعر الحديث قادر على أن يجمع بين الرؤية الفكرية العميقة والتكوين الفني الصارم. فالاتساق الثقافي والفني في قصائده ليس مجرد ترف بل ضرورة تعبيرية تواكب هموم الواقع وتعيد تشكيل الوعي الجمعي. ولهذا تبقى قصائده حيّة في الذاكرة الثقافية، تُقرأ وتُؤوّل باستمرار.
---
المراجع
1. دنقل، أمل. الأعمال الكاملة. دار الشروق، القاهرة، 2010.
2. العمايرة، حنان إبراهيم. "التماسك والاتساق النصّي في شعر أمل دنقل". مجلة الجامعة الإسلامية للبحوث الإنسانية، 2017.
3. بكور، سعيد. "توظيف التراث في شعر أمل دنقل". رابطة أدباء الشام، 2016.
4. عدوان، عدوان نمر، وعيّاش، عمر سميح. "التداخل السردي في الشعر الحديث". أكاديمية أماراباك، 2022.
ربا رباعي