بقلم: الدكتورة / هدير محمود فايد - أخصائي إرشاد أسري ونفسي
هل شعرت يومًا بأنك تُرهق نفسك في انتظار كلمة، تصرّف، أو موقف من شخص ما؟ تنتظر أن يُقدّرك كما تُقدّره، أن يُساندك كما ساندته، أن يشعر بك دون أن تتكلم؟ هذا ما نسميه "التوقع الزائد"... مرض خفيّ يتسلّل إلى قلوبنا فيجعلنا نعيش في خيبة أمل دائمة.
نتوقّع من الناس أن يعاملونا كما نُعاملهم، أن يُحبّونا بنفس الطريقة، أن يكونوا دائمًا في صفّنا وقت الحاجة. لكن الحقيقة أن التوقعات ليست عقودًا تُلزم الآخرين بشيء، بل هي مجرد أمل نبنيه داخلنا، وقد يهدمه الواقع في لحظة.
لماذا نتألم من التوقع؟
لأننا نبني صورة مثالية عن الآخرين، نراهم كما نُحب لا كما هم في الحقيقة. نُحمّلهم مسؤولية إسعادنا، وننتظر منهم أن يفهمونا دون شرح، وأن يُقدّرونا دون طلب. وحين لا يحدث ذلك، نشعر بالغضب أو الخذلان، وربما نُصاب بالإحباط أو نُراجع قيمتنا الذاتية.
ما الحل؟
قلّل من توقعاتك، وزد من وعيك.
أحبّ الآخرين كما هم، لا كما تتمنى أن يكونوا.
عبّر عن احتياجاتك بوضوح، ولا تنتظر أن يفهمها الآخرون تلقائيًا.
تقبّل أن لكل شخص حدودًا وقدرات، وأن البعض لا يستطيع أن يعطيك ما تحتاج، حتى لو أراد.
اجعل رضاك وسعادتك نابعة من داخلك، لا معلّقة بسلوك الآخرين.
وأخيرًا...
"التوقع الزائد" لا يُعبّر عن عمق العلاقة، بل عن عمق الاحتياج. فلنُحب بوعي، ونعطي بوعي، ونبني علاقاتنا على الواقع لا على الخيال. حينها فقط، سنرتاح.
تذكّر دائمًا:
"عامل الناس بما هو فيك، لا بما هو فيهم، فكل إناء بما فيه ينضح." – مقولة مأثورة .